مدينة دمنهور تعد من أقدم مدن مصر،
........
إذ إنها مدينة فرعونية، وكانت تسمى «دمن حور» أي بلد الصقر حور. وهذه المدينة كانت عاصمة لمملكة غرب الدلتا قبل عصر الأسرات في مصر القديمة، ثم تحولت إلى مقاطعة من مقاطعات مصر بعد هذا العصر. ومازالت كذلك إلى اليوم مع اختلاف المسميات من عصر لآخر.
........
إذ إنها مدينة فرعونية، وكانت تسمى «دمن حور» أي بلد الصقر حور. وهذه المدينة كانت عاصمة لمملكة غرب الدلتا قبل عصر الأسرات في مصر القديمة، ثم تحولت إلى مقاطعة من مقاطعات مصر بعد هذا العصر. ومازالت كذلك إلى اليوم مع اختلاف المسميات من عصر لآخر.
شهدت دمنهور نشاطا عمرانيا في العصور الفرعونية وكان بها معبد للإله حور، وفي العصر اليوناني الروماني شيد بها معبد للإله هرمس. وعثر بها في السنوات الأخيرة على مجموعات من الأعمدة التي كانت مستخدمة في تشييد المعابد. وعلى عملات أثرية تعود للعصر اليوناني الروماني.
كانت دمنهور قنطرة المسلمين إلى تحطيم دولة الروم في الإسكندرية عند الفتح الإسلامي، وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب من أجل فتحها مع المدن الأخرى.
في القرن الثالث الهجري، وعلى وجه التحديد في الخلاف الذي نشب بين الأمين والمأمون فيما بين سنتي 199هـ وسنة 210 هـ شهدت دمنهور معارك دموية.
في القرن الثالث الهجري، وعلى وجه التحديد في الخلاف الذي نشب بين الأمين والمأمون فيما بين سنتي 199هـ وسنة 210 هـ شهدت دمنهور معارك دموية.
زارها الرحالة ابن جبير في سنة 578هـ فقال إنها «بلد مسور، في بسيط من الأرض أفيح متصل من الإسكندرية إلى مصر، والقرى فيها يمينا وشمالاً لا تحصى».
وزارها ابن بطوطة في القرن السابع الهجري، فكانت مدينة كبيرة على حد تعبيره، وذكرها المنذري في القرن السابع أيضا فقال إنها: قصبة البحيرة، وإليها تنسب الثياب الدمنهورية. وكشفت لنا أقوال الرحالة والجغرافيين عن أن موقع دمنهور هو أحد الأسباب الرئيسية لازدهارها فضلاً عن شهرتها في إنتاج المنسوجات، إذ إنها أهم محطة على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية.
وزارها ابن بطوطة في القرن السابع الهجري، فكانت مدينة كبيرة على حد تعبيره، وذكرها المنذري في القرن السابع أيضا فقال إنها: قصبة البحيرة، وإليها تنسب الثياب الدمنهورية. وكشفت لنا أقوال الرحالة والجغرافيين عن أن موقع دمنهور هو أحد الأسباب الرئيسية لازدهارها فضلاً عن شهرتها في إنتاج المنسوجات، إذ إنها أهم محطة على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية.
ازدهرت في العصر المملوكي على يد واليها الجغرافي الشهير غرس الدين خليل بن شاهين الظاهري، صاحب كتاب «زبدة كشف الممالك» حيث شهدت إنشاء العديد من المساجد والمدارس. وقدم لنا ابن دقماق وصفاً شاملاً لدمنهور في تلك الفترة قائلاً:
«هي مدينة قديمة عامرة وبها جامع ومدارس وحمامات وفنادق وقياسر وغير ذلك، وهي قاعدة البحيرة وبها مقام نائب الوجه البحري ويطلق عليه ملك الأمراء وبها خليج من خليج الإسكندرية، وهى في الشرق والجنوب عن الإسكندرية وبينهما مرحلة، وتعرف بدمنهور المدينة، ولما جاءت فتنة عرب البحيرة، في سنة بضع وثمانين وسبعمائة رسم السلطان الظاهر سيف الدين برقوق بعمارة سور عليها فعمل عليها سور من اللبن».
نستطيع أن نستشف من هذا النص العديد من الملاحظات المهمة، التي أبرزها ابن دقماق، أولها الازدهار العمراني بمدينة دمنهور في العصر المملوكي، وهو ما جعلها مقراً لنائب الوجه البحرى، وقد بين لنا سبب الازدهار وذلك بطريق غير مباشر، أن لدمنهور خليجاً من خليج الإسكندرية، وخليج الإسكندرية كان يمتد من فوة على فرع رشيد من دلتا النيل إلى الإسكندرية. وكانت تجارة مصر الداخلية والخارجية تنقل عبر هذا الفرع من وإلى الإسكندرية.
وثاني ملاحظة تتعلق بتسوير دمنهور، وقد سبق أن ذكر ابن جبير أن لدمنهور سوراً، ولكن يبدو أن المدينة توسعت وهدم سورها، مما جعل السلطان برقوق يبنى لها سوراً، ومازال بدمنهور إلى اليوم حي يطلق عليه القلعة، أرجح أنه كان يوجد به قلعة صغيرة تتوسط السور الذي كان يحيط بالمدينة، وكان بدمنهور حارة تعرف بحارة باب النصر، وهو ما يعنى أن أبواب سور دمنهور سميت بنفس أسماء سور القاهرة الحربي، وأولى السلطان قايتباي سور دمنهور اهتماما كبيراً في سنة 801 هجرية لحمايتها من الغارات المتتابعة.
خلال الحملة الفرنسية على مصر نشبت في دمنهور ثورة ضد الفرنسيين في أواخر القرن 18م، فقد ظهر في البحيرة رجل أدعى المهدية، ودعا الناس إلى قتال الفرنسيين، فأقبلوا عليه أفواجاً وضم إليه رجال القبائل من أولاد علي والهنادي وغيرهما، وانحاز إليه سكان القرى التي مر بها، فسار بهذه الجموع حتى وصل إلى دمنهور، وكان بها حامية من الجنود الفرنسيين، فأمر المهدي رجاله بالهجوم على هذه الحامية فهجموا عليها وقتلوا رجالها جميعاً.
لما علم الجنرال مارمون قومندان الإسكندرية بنبأ الكارثة التي حلت بالحامية الفرنسية بدمنهور، أنفذ قوة من الجنود مزودة بالمدافع لتتعقب جيش المهدي وتتصل بكتيبة الجنود الفرنسية بالرحمانية بالقرب من دمنهور، ودار قتال شديد بين جيش المهدي والفرنسيين انتهى بانسحاب الفرنسيين بعد خمسة أيام مهزومين، ثم حشد الفرنسيون قواتهم حول دمنهور مرة أخرى، ودمروا المدينة وأبادوا من وجدوه من السكان.
اهتم محمد على باشا بدمنهور فشيد بها مصنعاً للغزل فيه مائة دولاب وثمانون مشطا، ومصنعاً للنسيج، ينسج فيه الصوف الذي تصنع منه مستلزمات الجيوش البرية والبحرية، وطرأ تحول مهم بدمنهور حينما بدأ عباس حلمي خديو مصر في عام 1850م في اتخاذ ما يلزم نحو إنشاء خط حديدي بين الإسكندرية والقاهرة، فكان من الطبيعي أن يخترق إقليم البحيرة، مما أدى حتما إلى ازدهار المدينة.
وقد عثر في مدينة دمنهور على مجموعة من الأحجار الفرعونية، وبعض التماثيل التي تعود لعصور فرعونية مختلفة، ويوجد بدمنهور عدد من المساجد الأثرية التي تتفق في طرازها العام مع طراز مساجد الدلتا، ومن هذه المساجد:
مسجد الخراشي
يعود هذا المسجد إلى العصر المملوكي، وتم تجديده في العصر العثماني، ويوجد بالمدخل الرئيسي لهذا المسجد في الضلع الجنوبي الغربي، ويدخل منه إلى الرواق الثاني الذي يتوسط سقفه شخشيخة لإنارة وتهوية المسجد، والمسجد من الداخل يتكون من أربعة أروقة تفصل بينها ثلاث بائكات، ويتوسط الضلع الجنوبي الشرقي المحراب الذي تعلوه قمرية ويوجد على يمينه المنبر، وهو منبر له درابزين - سياج - من الخشب الخرط الميموني المائل، وريشتاه مزخرفتان بسدايب من الخشب المعقلي المائل، وتتضمن كتابات المنبر آيات قرآنية واسم صانعه أحمد عزيز.
مسجد المرداني:
ينسب هذا المسجد إلى الأمير الطنبغا المرداني، وهو أحد كبار أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وقد شيد مسجدا كبيرا بالقاهرة وآخر بدمنهور. لهذا المسجد مدخل عبارة عن عقد مدائني، كوشتاه مزخرفتان بالطوب المنجور، وعلى جانبي هذا المدخل مكسلتان ويعلو باب المدخل نص تجديده في العصر العثماني, وعلى يسار هذا المدخل مئذنة تتكون من كرسي مربع يرتفع بارتفاع المسجد، يليه طابق مثمن بكل حافة من حوافه حزمة ثلاثية من الأعمدة، وبين كل حزمتين عقد مدبب، يلي ذلك الشرفة المحمولة على حطات من المقرنصات يليها طابق آخر مثمن يماثل سابقه، ويعلو هذا الطابق خوذة مسننة تماثل نهايات المآذن العثمانية، والمسجد من الداخل يتكون من أربعة أروقة يفصل بينها ثلاث بائكات. وبدمنهور عدد آخر من المساجد القديمة التي تعود للقرون 17، 18 ، 19م. وبها عدد من المساجد الحديثة أبرزها مسجد التوبة الذي استعمل فيه المعمار العديد من عناصر العمارة المملوكية، ومسجد الحصافى الذي يمثل عمارة جنوب شرق آسيا، وهو طراز فريد في العمارة لم يسبق أن بني مثله في مصر.
مسجد الحبشي:
يعتبر هذا المسجد من أروع مساجد دمنهور فخامة، حيث جمع المعمار فيه كل فنون العمارة المملوكية، ويحيط بهذا المسجد سور يوجد به بابان يؤديان إلى حديقة المسجد، وعلى يسار الباب الأيسر سبيل مياه عبارة عن مبنى مثمن، الأضلاع بكل ضلع من أضلاعه نافذة من الحديد المشكل بأشكال جميلة، وبكل نافذة صنبور للمياه، ويعلو النوافذ مثمن به زخارف نباتية يعلوه طابق مثمن أصغر منه، بكل ضلع من أضلاعه نافذة مصمتة، ويعلو هذا الطابق قبة مثمنة أيضا بها زخارف نباتية يعلوها هلال.
وللمسجد في ضلعيه الجنوبي الغربي والشمالي الشرقي بابان يبرزان عن حائطي المسجد، يتوج كل باب منهما عقد مدائني ذو طاقية مخوصة، ويعلو الباب صف من الشرفات، ويوجد على جانبيه من أسفل مكسلتان، وجدران المسجد من الخارج مزخرفة بزخارف نباتية وبالأطباق النجمية.
يتكون المسجد من الداخل من ثلاثة أروقة يفصل بينها بائكتان كل بائكة مكونة من ثلاثة عقود، ويفتح البابان الرئيسيان على الرواق الأوسط، الذي تعلو بلاطته الوسطى قبة كبيرة، مزخرفة من الخارج بزخارف دالية، ومئذنة المسجد تماثل مآذن المساجد المملوكية.
وقد قام الملك فؤاد بوضع حجر الاساس لهذا المسجدالأول حينما زار دمنهور في عام 1920م، بحضور شيخ الأزهر آنذاك محمد أبو الفضل الجيزاوى وحسين بك الحبشى، الذي نفذ وصية والده محمود باشا الحبشي الخاصة ببناء هذا المسجد، وقدم حسين بك إلى الملك فنجان قهوة مرصعاً بالماس والياقوت.
مبنى البلدية
وقد عاد الملك فؤاد لزيارة دمنهور مرة أخرى في العام 1930م، وقام بوضع حجر الأساس لمبنى البلدية والسينما والمكتبة في الثامن من نوفمبر سنة 1930م وسجل ذلك على لوحة تسجيلية بجوار الباب الشرقي الرئيسى لمبنى المجلس البلدى، وهي لوحة مستطيلة من الجبس المشعر ببودرة الرخام داخل جفت مزدوج بارز، وسجل عليها بالحبر الأسودخمسة أسطر بخط الثلث على النحو التالي: هذا الحجر وضعه حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم فؤاد الأول ملك مصر أطال الله أيام ملكه السعيد، دمنهور في يوم السبت 17 جمادى الثاني سنة 1349 هـ الموافق 8 نوفمبر سنة 1930 م وتم الانتهاء من البناء سنة 1931م حيث سجل بالجزء العلوي من الواجهة الشرقية لمبنى البلدية ما نصه 1350هـ «دار المجلس البلدي 1931 م».
وقد أطلق على القسم الغربي من المبنى أولاً سينما وتياترو فاروق، ثم تغير الاسم من سينما فاروق إلى سينما البلدية، بقرار المجلس البلدي في 6 /12/1952 وظل الأمر على ذلك حتى سنة 1977م عندما تغير الاسم إلى سينما النصرالشتوي، وأخيراً أطلق عليها مسرح وأوبرا دمنهور. أما المكتبة فقد سميت مكتبة الملك فؤاد، ثم أطلق عليها اسم الأديب الراحل توفيق الحكيم، وتعرف الآن بمكتبة مبارك وهى تحتوى على مجموعة من أندرالكتب بمصر. وقد بنيت تلك المجموعة على شكل مربع ينقسم إلى مستطيلين محورهما (شمال جنوب) ويشغل مبنى البلدية القسم الشرقى، بينما يشغل مبنى السينما والمسرح القسم الغربي. ويتكون القسم الغربي من طابق أرضي وثلاثة أدوار، ويشتمل على كتلة المدخل الرئيسى وبوفيه وحجرة تذاكر وتشمل أغلب المساحة الداخلية صالة المسرح وتحتوي على صفوف من الكراسي وعلى جانبيها في الدور الأول صف من البناوير يعلوها في الدور الثانى صف من اللوحات أما الدور الثالث فمدرج الدرجة الثالثة وتقع خشبة المسرح في القسم الجنوبي من المبنى وتفتح بأغلب اتساعها على الصالة.
مسرح أوبرا دمنهور
يعد هذا المسرح تحفة معمارية وفنية تتجسد فيها خصائص العمارة المصرية في بداية العقد الرابع من القرن الماضي ويتبع المسرح من حيث التخطيط طراز الأوبرا الإيطالية الذي وفد إلى مصر في عصر الخديو اسماعيل ثم ساد عمارة هذا النوع من المنشآت وينفرد هذا المسرح باستخدام عناصر معمارية وزخرفية إسلامية الطراز، وقد نجح المعمارى الإيطالى فيروتشي نجاحاً تاماً في المزج بين التخطيط الأوربي الوافد الذي يتناسب مع الوظيفة وبين العناصر المعمارية الإسلامية التي كانت مستخدمة منذ العصر الفاطمي وما تلاه من عصور ومنها العقود المنكسرة.
ونظرا للقيمة الفنية والمعمارية للمسرح والتى تعبر بصدق عن عمارة المسارح المصرية في بدايات القرن الماضي فضلاً عن إبرازه للعناصر الفنية من زخارف نباتية وهندسية وعقود دائرية وأخرى على الطراز الأندلسي في مجموعة المداخل، ونظراً لأن المسرح قد تم افتتاحه في الثلاثينيات من القرن الماضي وهو يعتبر مكملاً لمسرح سيد دوريش بالإسكندرية والذى شيد في عهد الملك فؤاد فقد قام قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلى للآثار بتسجيله كأثر إسلامى بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية في عام 1988م وصدور قرار وزير الثقافة رقم 449 لسنة 1990م بتسجيل المسرح وذلك للمحافظة على عناصره الفنية والمعمارية. وتطبيقاً للمادة الثانية من قانون حماية الآثار رقم 117لسنة 1983م، وقد تم ضم المبنى إلى قوائم المباني ذات القيمة الفنية والتاريخية بمحافظة البحيرة بعد العرض على اللجنة المشكلة بقرار السيد رئيس الوزراء الصادر في 30 / 9 / 1998م.
يشتمل المبنى على مدخل رئيسى بالواجهة الشمالية بالإضافة إلى ستة مداخل فرعية بواقع أربعة مداخل في الواجهة الشرقية ومدخل بوسط الواجهة الخلفية (الجنوبية) ومدخل بالواجهة الغربية.
يؤدي المدخل الرئيسي ذو البائكة الثلاثية إلى صالة مستطيلة مستعرضة هي بهو المدخل، ويغطيها سقف مسطح من مستويين العلوي منها خرساني والسفلي منها وهو الظاهر للعيان معلق وهو من الجص المطلي بطبقة من الدهان، وتتخلله ثلاث صرر زخرفية متماثلة تماماً على محور واحد. يفتح بالضلع الغربى إلى يمين الداخل لبهو المدخل باب يؤدى إلى البوفيه وهو عبارة عن فتحة مستطيلة يغلق عليها باب خشبى جرار.
ويوجد بالضلع الشرقي إلى يسار الداخل إلى بهو المدخل دخلة تشتمل على شباكين للتذاكر، يتكون كل منهما من نافذة مستطيلة مغلقة بواسطة تركيبة من الحديد.
ويتكون المسقط الأفقى لصالة المسرح من شكل بيضاوي مشطوف بخطين مستقيمين أولهما في الجهة الجنوبية وتفتح به خشبة المسرح والثاني في الجهة الشمالية وبه المقصورة وتنحدر أرضية الصالة بميل في اتجاه خشبة المسرح وتنتهى بدرابزين من الحديد بطرفيه درج سلم يؤدي إلى خشبة المسرح، وتحصر خشبة المسرح والدرابزين مساحة ذات أرضية منخفضة هي بئر المسرح أو حفرة الأوركسترا، وكانت الصالة تشتمل على صفوف أفقية متوازية من الكراسي التي أزيل أغلبها الآن.
ويعلو ذلك الدور الأول ويشتمل على 20 لوج تتبع نفس التخطيط، وشكل البناوير، ولها أيضا درابزين ذو واجهة مقعرة ومحدبة.
ولصالة المسرح سقف من مستويين العلوي منها جمالوني الشكل ويظهر من الخارج تغطيه بلاطات من القرميد وتتدلى من هذا السقف شدات من الحديد مثبت بها المستوى السفلي من السقف والذي يظهر لمن هو بداخل صالة المسرح وهو عبارة عن قبة ضحلة مغطاه بالجص ويتوسطها منور أو شخشيخة ذات قاعدة من الحديد المزخرف بالحفر الغائر.
أما خشبة المسرح فتشغل القسم الجنوبى من المبنى، وتعادل مع ملحقاتها ثلث المساحة الإجمالية للمبنى تقريباً ويتوسط الضلع الجنوبى منها فتحة باب ذي ضلفتين كان مخصصاً لنقل المعدات والديكورات، تعلو خشبة المسرح شواية ذات عروق خشبية مصفوفة طولياً وعرضياً وتشرف على الصالة بواجهة مستطيلة. وتشتهر دمنهور حاليا بصناعة السجاد، وكذلك باستادها الرياضي الذي يعد من أوائل الاستادات الرياضية التي شيدت في أقاليم مصر. ويوجد بها فرع لجامعة الأزهر وآخر لجامعة الإسكندرية.
المثقفون في دمنهور
ارتبطت بدمنهور ذكريات كثيرة لعدد كبير من المثقفين، لكن أكثر ما كان يربطني بها، هو مثقف علم نفسه بنفسه، هو الأصولي الذي كان يمتلك مكتبة لبيع الكتب المستعملة لهولاء من أمثالي، فكنت أدخر بعض المال وفي رحلاتي من مدينتي مطوبس إلى القاهرة عبر دمنهور أو العكس، كنت أتوقف في دمنهور لأبتاع منه الكتب التي شكلت بمرور الوقت قسما كبيراً من مكتبتي، امتاز بأنه كان لديه نوادر من الكتب، بعضها نفدت طباعته، ولم أقابل كاتبا أو صديقاً من دمنهور أو جوارها إلا واشترى منه الكتب، دوره يذكرني بصديقي الراحل الحاج مدبولي صاحب المكتبة الشهيرة في القاهرة. لكنك إذا كنت في دمنهور ولم تزر مقهى عبد المعطي المسيري فاتك الكثير والكثير، عرفت هذا من صديقي الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري الذي بدأت رحلته مع القراءة في هذا المقهى الذي أسسه صاحبه العام 1932 م، ليعلم نفسه بنفسه ويبدأ في التأليف وعمره لم يتعد 22 عاماً فقدم لنا «الظامئون»، «أقاصيص من المقهى» 600 قصة قصيرة هي جملة ما قدمه لنا، لكن أهم ما قدمه هو هذا المقهى الذي تردد عليه عظماء الأدب والفكر في مصر، فكتب توفيق الحكيم «يوميات نائب في الأرياف» به، كما زاره العقاد وطه حسين، وأنور السادات. وعادة القراءة في هذا المقهى تعود إلى أن صاحبه جعل به مكتبة يستعير منها رواده ما يشاءون من كتب أثناء جلوسهم به، وسرعان ما صار المقهى منتدى فكرياً وثقافياً وساحة للحراك الأدبي، مناقشات تستغرق وقت صفوة مدينة دمنهور، صداها يصل إلى القاهرة والإسكندرية، مات عبد المعطى المسيرى يوم 28 سبتمبر 1970م في نفس يوم وفاة جمال عبدالناصر، لكن مازال مقهاه يؤدي دوره بل تدعمه وزارة الثقافة بمزيد من الكتب، إذ به الآن مكتبة تضم 4 آلاف كتاب بعضها نادر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق