الأربعاء، 21 مايو 2014

عملية تدمير الحفار "كينتنج" في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، في 8 مارس 1970




4. عملية تدمير الحفار "كينتنج" في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، في 8 مارس 1970 


القوات البحرية والمخابرات العامة وحرب الاستنزاف (عملية تدمير الحفار "كينتنج") في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، في 8 مارس 1970

بعد احتلال إسرائيل لسيناء، بدأت في نهب ثرواتها الطبيعية، وأهمها البترول. ومن أجل ذلك اشترت حفاراً بحرياً من كندا، لاستخدامه في البحث والتنقيب عن البترول في مياه خليج السويس. وفي شهر فبراير 1970، صدرت الأوامر إلى قيادة القوات البحرية، لمنع وصول هذا الحفار إلى منطقة خليج السويس، وأن يتم تدميره قبل دخوله حقل البترول المصري "مرجان"، في خليج السويس. 

شرعت القوات على الفور في جمع المعلومات المتيسرة عن الحفار، من خلال المخابرات العامة. فاتضح أن الحفار قد وصل فعلاً إلى ميناء داكار بالسنغال على الساحل الغربي لأفريقيا، وسيمكث هناك حوالي ثلاثة أسابيع، لإجراء بعض الإصلاحات. 

استدعى قائد القوات البحرية، قائد المجموعة المسند إليها تنفيذ المهمة، وأخطره بالمهمة المنتظرة. وبدأت الخطة بعمل رسم تفصيلي للحفار. وتلخصت الخطة في تقسيم قوة الهجوم، المكونة من سبعة أفراد، إلى مجموعتين، مجموعة مكونة من أربعة أفراد تتوجه إلى باريس، ومجموعة ثانية مكونة من ثلاثة أفراد تتوجه إلى زيورخ، ثم من باريس وزيورخ يحصل كل منهم على تأشيرة دخول إلى السنغال، ثم يتوجهون، بعد ذلك، بطريقة فردية إلى داكار. 

وتقرر أن تتم العملية في الليلة التالية. وعند الظهر في اليوم التالي، وبينما كان قائد المجموعة يعد الألغام والمعدات، ويقوم بتلقين الأفراد، علم بخروج الحفار من ميناء داكار مقطوراً بوساطة قاطرة هولندية، إلى جهة غير معلومة. فتأجلت العملية لحين الحصول على معلومات جديدة، وتقرر عودة الأفراد إلى القاهرة، عن طريق زيورخ. 

ونشطت أجهزة المخابرات، في تجميع المعلومات عن الحفّار. وبعد عشرة أيام جاءت المعلومات تفيد، أن الحفار لجأ إلى ميناء أبيدجان، في ساحل العاج. وفي اليوم التالي كان الأفراد بمعداتهم وألغامهم في القاهرة، استعداداً للسفر إلى الميناء الجديد وبالأسلوب السابق، وبعد وصول المجموعة إلى أبيدجان، تقرر أن تتم العملية مساء السابع من مارس، ويوافق ليلة الأحد التي يحتفل فيها الأهالي حتى الصباح. وبعد الاستطلاع الدقيق للميناء، تم وضع الخطة التفصيلية لتنفيذ الهجوم على الحفار. وفي منتصف الليل تماماً، بدأ في تجهيز الألغام وتعميرها وضبطها، على أن تنفجر بعد ثلاث ساعات، من نزع تيلة الأمان. كما جرى تجهيز المعدات وأجهزة الغطس. وأستقل أفراد المجموعة سيارة أجرة، أوصلتهم في الرابعة صباحاً إلى منطقة العملية. وغادر الأفراد الشاطيء، واتخذوا خط السير في اتجاه الحفار، حيث وصلوا إليه في الساعة الخامسة. وثبتوا الألغام الأربعة، وعادوا إلى الشاطيء الساعة الخامسة وعشر دقائق. 

بعد فترة قصيرة من الراحة، توجهت مجموعة الضفادع إلى الفندق، فجمعوا ما كان لهم من متاع، ثم توجهوا مباشرة إلى المطار، الذي وصلوا إليه في الساعة الثامنة، وهو توقيت انفجار الألغام. وأقلعت الطائرة إلى باريس في الساعة العاشرة والنصف صباحاً. وقبل إقلاع الطائرة من أبيدجان، علم الفريق أن الألغام الأربعة، انفجرت في الحفار، فيما بين الساعة السابعة والنصف والثامنة والنصف. 

5. إغراق سفينة أبحاث في رأس بيرون (شكل 13)، شمال البردويل (13 ـ 14 مايو 1970) 
في ليلة 13 ـ 14 مايو 1970، تمكنت البحرية المصرية من إغراق سفينة أبحاث تعمل لمصلحة إسرائيل، أمام منطقة راس بيرون في شمالي البردويل (بالبحر المتوسط)، بواسطة زوارق الصواريخ المصرية. 


الجداول 

(الجدول الرقم 1) 
الأعمال الإيجابية الناجحة (بالقوات) في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970 

(الجدول الرقم 2) 
تدرج أنشطة القتال البرية المصرية في الشدة شهريا ومعدلاتها اليومية 
خلال عام 1969 (مرحلة حرب الاستنزاف) 

(الجدول الرقم 3) 
أنواع أنشطة القتال البرية المصرية ونسبتها المئوية إلى المجموع الكلي
في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970 

(الجدول الرقم 4) 
أنشطة جبهات الطوق خلال مرحلة الاستنزاف 
في الفترة من يونيه 1967 حتى 8 أغسطس 1970 

يحى الشاعر





نقره على هذا الشريط لتكبير الصورة



د. يحى الشاعر




اقتباس:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد


نهاية عام 1969 … وفي ذروة الصراع العربي الإسرائيلي وبعد عامين من نكسة 1967، أعلنت إسرائيل عن عزمها علي التنقيب عن البترول في سيناء، وقامت بالفعل باستئجار حفار أمريكي ليقوم بالتنقيب عن البترول في خليج السويس تحت سمع وأبصار المصريين وبدا واضحاً للجميع أن الغرض من شراء هذا الحفار اقتصاديا وسياسياً في ذات الوقت،، فإسرائيل كانت في حاجة بالفعل إلي البترول في تلك الأيام، بالإضافة لذلك فهذا الحفار سيدعم خططها في محاولات إذلال مصر وإظهارها أما العالم بمظهر العاجز عن حماية أرضه وموارده الطبيعية، والضغط علي مصر من ناحية أخري للتخلي عن دورها الريادي في مناصرة القضية الفلسطينية ووصلت المعلومات إلي المخابرات الحربية بوجود حفار بالفعل واسمه كينتنج 1 وأنه يعبر المحيط الأطلنطي في طريقه للساحل الغربي لأفريقيا ليتوقف في أحد موانيها للتزود بالوقود ثم اتخاذ طريقه إلي الجنوب ليدور حول القارة الأفريقية ويتجه إلي البحر الأحمر ثم إلي خليج السويس.

وكان القرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتدمير الحفار قبل وصوله إلي خليج السويس أيا كان الثمن وبأية وسيلة. وكان لابد من التحرك الفوري لمعرفة الميناء الذي سيتجه إليها الحفار للعثور عليه وتدميره. وكانت المشكلة أن تدمير الحفار سيثير أزمات سياسية مع أكثر من دولة فالحفار قامت ببناؤه شركة إنجليزية، وتملكه شركة أمريكية، ومؤجر لإسرائيل، وتقوم بسحبه في مياه المحيط قاطرة هولندية والمفروض أن يتم تدميره في ميناء أفريقي !! أي أن إسرائيل خططت لكي يكون الحفار إنجليزي أمريكي هولندي إسرائيلي !! ولكن كان القرار قد اتخذ بالفعل وكان لابد من تدمير الحفار أياً كان الثمن. 

عملية تدمير الحفار كانت من أروع وأعظم العمليات التي تمت من خلال سيمفونية رائعة الجمال تم عزفها بتناغم وانسجام جميل بين كل من المخابرات العامة والمخابرات الحربية والقوات البحرية ووزارة الخارجية، عملية متكاملة أدي فيها كل شخص دوره علي أكمل وأجمل ما يكون.

وبعد 28 عاماً كاملة نفتح ملفات عملية الحفار وقد يكون الاستماع إلي الأحداث أو قراءتها في كتبا أو مشاهدتها في فيلم شئ، ومعرفة البطل الحقيقي والاستماع منه إلي قصة بطولته وجهاً لوجه شئ آخر.

ومع البطل الحقيقي .. قائد عملية الحفار كان هذا اللقاء ليتحدث البطل لأول مرة بعد 28 عاماً. وكانت البداية حينما عاد العقيد متقاعد أنور عطية قائد عملية تدمير الحفار الإسرائيلي كينتنج 1 بذاكرته 29 عاماً إلي الوراء وبالتحديد لنهاية عام 1969 وبدأ يحكي
اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد 
في البداية كيف تم اختيارك للقيام بالمهمة ؟؟

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد

في نهاية عام 1969 كنت رائداً بالمخابرات الحربية ومسئولاً عن البحرية الإسرائيلية في فرع المعلومات في المخابرات الحربية، ووصلت لي معلومة أن إسرائيل قامت باستئجار حفار بترول من شركة أمريكية ليقوم بالتنقيب عن البترول المصري في خليج السويس وأن هذا الحفار يعبر المحيط الأطلنطي في طريقه إلي الساحل الغربي لأفريقيا وبدأت أتتبع أخبار هذا الحفار حتي علمت أنه قد رسا بميناء "دكار" بالسنغال وأن هذا الحفار تقوم بسحبه قاطرة هولندية، وعلي الفور أبلغت اللواء محرز .. مدير المخبرات الحربية وقتها والذي ابلغني بأن أذهب لإلقاء محاضرة عن الحفارات البحرية في هيئة الخدمة السرية بالمخابرات العامة وحينما ذهبت اكتشفت أنها لم تكن محاضرة ولكنه كان اجتماعاً علي أعلي درجة من السرية وكان يضم رئيس هيئة الخدمة السرية في المخابرات العامة ورئيس هيئة المعلومات والتقديرات وأحد ضباط المخابرات الحربية وكان متخصصاً في أعمال النسف والتدمير وبعد التعارف بدأ رئيس هيئة المعلومات والتقديرات في افتتاح الاجتماع وقال تقرر التعامل مع الحفار كينتنج 1 الموجود في دكار وسألني رئيس هيئة الخدمة السرية ما هي خطة المخابرات الحربية فقلت له إني غير جاهز بالخطة الآن وأن لي تحفظاً علي تدمير الحفار في هذا لوقت وهذا المكان (وكنا وقتها في شهر يناير 1970) وشرحت له وجهة نظري وهي أننا سنستكمل دفاعنا الجوي في شهر مارس عام 1970 وأننا حالياً غير قادرين علي استيعاب رد فعل إسرائيل للتصعيد البترولي كما أننا في غني عن استعداء دول أخري مثال السنغال وهولندا مالكة القاطرة. فقال لي رئيس هيئة المعلومات أن تدمير الحفار قد تقرر علي المستوي الأعلي ومطلوب خطة المخابرات الحربية لتدميره فرجعت لإدارتي وقابلت مدير المخابرات الحربية ورويت له ما حدث ووافقني علي ما قلته وبدأت بعدها في التخطيط لعملية التدمير.
اقتباس:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد 
خمس خطط لتدمير الحفار :

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد

ويستطر العقيد أنور عطية قائلاً : كان لابد من وضع عدد من الخطط لتدمير الحفار لكي نضمن نجاح العملية فإذا فشلت خطة انتقلنا للخطة التالية، وعند وضع الخطط كان الله معي في كل خطوة والخطط كانت تعتمد علي التعاون والتنسيق الكامل بين المخابرات الحربية والمخابرات العامة والضفادع البشرية ووزارة الخارجية.

وكانت الخطة الأولي هي أن يتم اختيار مجموعة من الضفادع البشرية ونستعين بألغام قامت بتطويرها القوات البحرية المصرية بإضافة ساعة توقيت لها علي أن تسافر مجموعة التنفيذ تحت سواتر مختلفة وكل فرد فيها يسافر بصفة تختلف عن الآخر ونتسلل إلي الميناء الموجود به الحفار ونضع الألغام تحت جسم الحفار لتفجيره والخطة كانت تعتبر بدائية حداً وساذجة ولكنها هي التي نفذت.

وقمت بوضع ثلاث خطط أخري بديلة للخطة الأولي في حالة فشلها. وكانت الخطة الثانية هي القيام باستدعاء أحد سفن الصيد المصرية من أعالي البحار وتضع عليها طاقم الضفادع البشرية والألغام ونتتبع الحفار لاسلكياً في المحيط وحينما ندخل أي ميناء ندخل ورائه ونلغمه وندمره. 

حفلة ماجنة في المحيط 

وكانت الخطة الثالثة هي أن نستأجر يخت في الميناء الموجود بها الحفار ونقيم حفلة ماجنة فوق اليخت وأثناء الحفلة ينزل أفراد الضفادع لتلغيم الحفار ثم نرحل باليخت. أما الخطة الرابعة فتقرر تنفيذها في حالة هروب الحفار منا وهي أن يتم ضرب الحفار بالمدافع في الآر - بي - جي عند دخوله البحر الأحمر وكان لدينا في الصاعقة البحرية والضفادع البشرية أفراد مدربين علي هذه المدافع تدريب عالي جداً وكان المقرر أن تُحمل المدافع علي قوارب الزود ياك. 

وأضاف رئيس هيئة المعلومات والتقديرات خطة خامسة وهي أن تخرج طائرة مصرية تتمركز في ميناء عدن ويتم ضرب الحفار بالطيران في حالة هروبه من كل المراحل السابقة.

والمخابرات العامة المصرية في هذه العملية لعبت دوراً عظيماً لا يستطيع أي شخص أن ينكره، وفي كل مراحل العملية كان هذا الدور بارزا ولكني لم أكن أعلم بالطبع عن الخطوات التي قاموا بها إلا علي قدر حاجتي من المعرفة.

وواجهتني في البداية مشكلة أني لم يكن لدي أي معلومة عن الحفارات البحرية ولم يكن لدنيا معلومات متوفرة عن هذه الحفارات وهيكلها وبناؤها فخطرت لي فكرة وقمت بتنفيذها علي الفور فارتديت الزي العسكري وذهبت إلي المهندس علي والي رئيس هيئة البترول في ذلك الوقت وقلت له إني مهندس بحري وأعد رسالة ماجستير عن بناء السفن وينقصني جزء خاص بالحفارات البحرية وليس لدي أي فكرة عنها.

- سبحان الله 

كانت هذه هي الكلمة التي رددتها حينما حصلت علي كل المعلومات التي أريدها ليس عن الحفارات البحرية قط بل عن الحفار كينتنج 1 الذي ابحث عنه، والعجيب أن من أمدني بتلك المعلومات هو شخص "أمريكي الجنسية" **!! فقد اتصل المهندس علي والي وأنا أجلس معه بمديري شركة "إسو" للبترول بالقاهرة وكان أمريكي الجنسية وطلبت منه أن يساعدني فيما أطلبه وذهبت له بالفعل وأدخلني إلي مكتبته فوجدت كتاباً عن كل الحفارات الموجودة بجميع أنحاء العالم ومنها الحفار (كنيتنج 1) بمواصفاته ومقاساته وصورة وبالطبع مل يكن ذلك إلا توفيق من الله.

وبدأت بعد ذلك في جمع المعلومات عن المناطق التي يتوقع أن يتواجد فيها الحفار، فتوجهت إلي مكتبة القوات البحرية بالإسكندرية وجمعت معلومات عن منطقة الساحل الأفريقي الغربي بأكمله بكل موانيه وجغرافيتها والتيارات البحرية فيها والأعماق وكل شئ حتي العملة السائدة واقتصادها. وبدأت في حساب الوقت الذي يمكن أن تستغرقه القاطرة والحفار حتي تصل لأقرب ميناء وقدرت أن القاطرة لن تسير بسرة أكثر من 1.8 كم في الساعة لأنها تسحب وراءها حفاراً ضخماً وكان هذا هو توقعي وتقديري.


اقتباس:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد 
خطة التدمير :

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد

وبدأت مع النقيب فتحي أبو طالب المتخصص في النسف والتدمير وضع خطة تدمير الحفار وتلغيمه وقرر النقيب فتحي وضع لغم علي كل رأس مثلث من رؤس الحفار ووضع لغم رابع تحت البريمة ولكني عارضته وقلت له لو أننا وضعنا ثلاثة ألغام علي نفس الخط ووضعنا اللغم الرابع في المنتصف فسوف يساعد ذلك في انقلاب الحفار علي أحد جوانبه وهذا ما نريده ووافقني فتحي أبو طالب علي ذلك.

اختيار الرجال :

وبدأت في خطوة من أهم خطوات العملية وهي اختيار الرجال الذين سيقومون بتدمير الحفار من رجال الضفادع البشرية وأدوات التنفيذ من ألغام ومواد متفجرة. وبدأت أذهب إلي لواء الضفادع البشرية وهو الذي كنت واحد منه حتي عام 1967 قبل عملي بالمخابرات الحربية وعلمت أن الضفادع البشرية من شدة حرصهم علي مصر يحاولون تطوير نوع من الألغام كان موجوداً بمصر منذ فترة وكان اللغم يحتوي علي 16 كيلوجرام من مادة T.n.t المفجرة وكانوا يحاولون إضافة ساعة له وعلمت أن لديهم أربعة ألغام تم تجهيزها بالفعل وبدأت في اختيار الرجال.

ما هو المعيار التي اعتمدت عليه في اختيار الرجال ؟؟

كان من المقرر أن أختار ستة من ضباط الضفادع البشرية وبدأت أولاً في اختيار قائد الضفادع ووقع اختياري علي الرائد (خليفة جودت) وهذا الرجل كان بطلاً بكل ما في الكلمة من معني وكان أستاذي وقت أن كنت أعمل بالضفادع البشرية وذهبت له في منزله وسألته عن أخباره فقال لي أنه لم يخرج في عمليات منذ فترة لأن يده كانت في الجبس فقلت له لو جاءت لك عملية غداً هل تخرج فيها فكان رده أن مد يده ونزع الجبس عن يده الأخري وقال لي أذهب فوراً وبدون تردد فطلبت منه أن نقسم علي المصحف علي ألا يعلم إنسان بهذا الموضوع وقد اخترت خليفة جودت لأنه كان شخصية فذة بالإضافة إلي أنه شارك في تطوير الألغام التي تحدثت عنها وذهبت بعدها للواء محمود فهمي قائد القوات البحرية وقتها وأبلغته بالمهمة وسلمته خطاب اللواء محرز الذي يطلب مه فيه ستة ضباط ولكن اللواء محمود فهمي أصر علي أن يقوم بالمهمة ثلاثة ضباط وثلاثة جنود واعتقد أنه تخوف من أن يفقد الضباط الستة في العملية وهذه تمثل كارثة بكل المقاييس.

وأذكر أني كنت أجلس بميس الضباط بلواء الضفادع البشرية قبل اختيار الرجال ففوجئت بأحد الضباط يدخل إلي الميس وهو غاضباً وثائراً وكان يسب ويلعن لعدم اختياره في عملية إيلات رغم تقديراته المرتفعة في التدريبات أي أنه كان غاضباً لأنه لم تتح له فرصته في الاستشهاد وكان هذا الضابط هو الملازم محمود سعد - وذهبت لخليفة جودت وقلت له إننا سنذهب لإجراء مهمة في إيلات وطلبت منه تجهيز الألغام واختيار أفراد العملية ورجوته أن يكون من ضمنهم الملازم محمود سعد واختار هو بقية المجموعة ومنهم الملازم عادل السحراوي والملازم عادل الشراكي والرقيب محمد المصري.

وكيف بدأ تنفيذ العملية ؟؟

بعد أن اخترنا مجموعة التنفيذ انتقلوا للقاهرة ووضعناهم في منزل آمن لحين تنفيذ العملية وبدأت في تلقينهم الأسماء الجديدة التي اختيرت لكل منهم والشخصية التي سينتحلها عند سفره، وكان منهم من كان سيسافر علي أنه مستشار بالخارجية ومنهم من سيسافر علي أنه من مؤسسة دعم السينما وذاهب إلي تلك الدولة لتصوير فيلم سينمائي مصري واثنان منهم كمدرسين ومنهم من انتحل صفة موظف بشركة النصر للتصدير والاستيراد وظلوا في البيت الآمن لمدة ستة أيام عاشوا فيها وتعاملوا بشخصياتهم الجديدة وكنت ومعي السيد محمد نسيم والسيد أحمد هلال من المخابرات العامة نتعامل معهم علي أساس شخصياتهم الجديدة وكان من المقرر أن نحمل معنا أربعة ألغام وستة أجهزة تفجير من القاهرة إلي دكار مع الوقوف ترانزيت بمطار امستردام لعدم وجود خطوط طيران مباشرة بين القاهرة والدول الأفريقية وقتها وكنت أنا الذي سيحمل الألغام علي أن يسافر الباقون علي دفعات وسبقنا إلي دكار محمد نسيم وأحمد هلال. وأذكر أننا قبل سفرنا قابلنا السيد أمين هويدي مدير المخابرات العامة وقد ذهبنا إليه في منزله لأنه كان مصاباً بأنفلونزا حادة وبعد أن جلسنا معه قام وأمسك بكتفي بقوة قائلاً : "يا أنور سيادة الرئيس معتمد علي الله وعليك لضرب الحفار" فقلت له اعتبر أن الحفار تم ضربه بالفعل والموضوع مجرد وقت

وكيف تم نقل الألغام من مصر إلي دكار ؟

كانت هذه النقطة هي أخطر ما في العملية فالألغام داخل كل واحد منها 16 كيلوجرام من مادة T.n.t وهي أربعة وكان معي ستة أجهزة تفجير (أقلام تفجير) وهي حساسة جداً يمكن أن تنفجر من أي احتكاك بالإضافة إلي ملابس الضفادع البشرية وهنا لا أنسي دور المخابرات العامة التي وضعت الألغام والملابس والمعدات في حقائب قامت بتغطية الألغام بمادة تمنع أي أجهزة للكشف عن الحقائب من كشف ما بداخل الحقيبة ووضعت أقلام التفجير داخل علبة أقلام أنيقة جداً داخل جيب الجاكيت الذي ارتديه ووضعت في جيبي الآخر كتاب الله. وكم كان الخوف لحظتها ليس خوفاً علي عمري بل خوف من فشل العملية وكشف الألغام وتوكلت علي الله وسافرت وكنت في حالة من الحرص والخوف لا أستطيع وصفها فكانت كل خلية في جسمي متيقظة ووصلت إلي دكار ومعي المتفجرات وفوجئت بمحمد نسيم يستقبلني في المطار ويقول لي أن الحفار غادر دكار وكانت صدمتي لا توصف. وتقرر عودتي إلي مصر مرة أخري في اليوم التالي ومعي الألغام ولسوء الحظ في هذا اليوم حدثت مفاجأة لم تكن في الحسبان فقد تم تفجير طائرة تابعة للخطوط الجوية الألمانية ومات فيها 137 فرد واتهم فيها العرب خاصة أن تلك الفترة كانت المقاومة الفلسطينية تقوم بعمليات اختطاف وتفجير للطائرات، وبالطبع تكون شعور عام معادي ومضاد جداً لكل ما هو عربي وكان المقرر أن أسافر من دكار إلي فرانكفورت ومنها إلي القاهرة ولكن لسوء الحظ وصلت خطابات تهديد لمكتب مصر للطيران بفرانكفورت بنسف المكتب وأغلق المكتب في ذلك اليوم وألغيت رجلة فرانكفورت القاهرة. وكنت قد وصلت بالفعل إلي فرانكفورت ففوجئت بعدم وجود رحلة طيران ولم يكن لنا في ألمانيا وقتها تمثل ديبلوماسي فظللت واقفاً بالمطار بجوار الحقائب حتى تأتي طائرة مسافرة لأي دولة لنا فيها تمثيل ديبلوماسي وكانت المخابرات العامة قد منحتني تذكرة مفتوحة لأي مكاني في العالم وكان من الممكن أن أذهب لأي فندق بالمدينة ولكن خوفي علي الألغام ربطني بأرض المطار حتى لاحظ أحد جنود المطار وقفتي فاقترب مني في شك وقال لي أنك تقف هنا منذ فترة طويلة وهذا ممنوع فإما أن تستقبل أحد أو تودع أحد وترحل خارج المطار فقلت له إني من دولة ليس لها لديكم تمثيل دبلوماسي وإني أحمل أوراق هامة جداً للخارجية المصرية ونحن في حالة حرب مع إسرائيل وأنا لدي حجز في فندق خمس نجوم لكني لا أستطيع أن أغادر المطار ومعي الأوراق لإني أخاف أن يضربني أحد علي رأسي وتضيع الأوراق فسألني وما الحل ؟

وكان لا بد من التصرف بسرعة للخروج من هذا المأزق فقلت له هناك أحد حلين إما أن تدعوني إلي فنجان من القهوة في مكتبك حتى تصل أية طائرة تابعة لأي دولة لنا فيها تمثل دبلوماسي لأسافر عليها أو أن تطردني خارج المطار فيضربني أي شخص وتضيع الأوراق فقال أنا لا أستطيع دعوتك في مكتبي لأن ذلك ممنوع وذهب لإجراء اتصالاً برؤسائه ثم عاد وأبلغني أنه حصل علي موافقة بأن أظل تحت حراستهم في كافيتريا المطار حتي الصباح. وظللت بالفعل في الكافيتيريا حتى حان موعد قيام طائرة من فرانكفورت لأثينا فركبتها ونزلت بمطار أثينا وكانت تنتظرني هناك مفاجأة غير سارة. 

فبعد ثلث ساعة من وصولي وجدتهم يعلنون عن وصول طائرة شركة العال الإسرائيلية فانزعجت وخفت أن يحدث عن طريق الخطأ أو الصدفة أو العمد أن تذهب حقيبة من الحقائب لطائرة العال فقررت أن أذهب لمخزن العفش وأجمع الحقائب وأجلس وسطهم وهذا كان ممنوعاً فأعطيت حارس المخزن مبلغ من المال ودخلت وجلست بالفعل بين الحقائب ويبدو أني قد غفوت قليلاً وفوجئت بعدها بشخص يضربني علي وجهي وبمسدس يوضع في جانبي فاستيقظت مفزوعاً ووجدت حارس المخزن يقول لي أنهم رجال مخابرات وذكر لهم أنه سمح لي بالدخول لأهمية الأوراق التي أحملها فسألوني هل تتصور أننا لن نستطيع حماية حقائبك فقلت له أنا أعلم إنك تستطيع أن تحميني وأنا سأتنازل عن حقي فيما فعلته معي لأني خالفت القواعد ولكني رجوته أن يتركني وأنا يترك معي إن أراد أي شخص حتى أصعد لطائرة القاهرة، وقد كان وظل معي شخصين حتى صعدت الطائرة، وكانت أصعب ساعات مرت علي فقد كنت حريصاً إلي درجة كبيرة جداً خوفاً من فشل العملية حتى أني أثناء وجودي بالقاهرة تعرفت علي الراكب الجالس بجواري ودعاني إلي سيجارة وأخرج ولاعته ليشعلها لي ولكني خطفت منه الولاعة بسرعة خوفاً من أن تكون بها مخدر أو أي شئ وقمت بإشعال سيجارته هو أولاً لأطمئن وتظاهرت بأني أشاهد الأنسيال الذي يرتديه وأبديت إعجابي به.

وماذا لو أصروا علي فتح الحقائب في أي مطار ؟؟

كنت بالفعل قد أعددت خطة لي ولكل المجموعة في حالة كشف شخصياتنا وكنت قد نويت في حالة إصرار أي شخص علي فتح الحقيقة أن أقوم بعمل مشاجرة وشغب حتى يقوم أمن المطار بضربي حتى أفقد وعيي وعندما يقوموا باستدعاء السفير أنكر أي معرفة لي بالحقائب وأدعي أنها استبدلت أثناء فقدي الوعي.

وعدت القاهرة وعقد اجتماع في المخابرات العامة وسألوني أين أتوقع أن نجد الحفار فأحضرت خريطة بحرية وقمت بحساب سرعة الحفار واقترحت مكان معين فتقرر أن أبدأ أنا البحث من شمال أفريقيا متجهاً للجنوب في كل المواني وأن يبدأ محمد نسيم البحث من الجنوب للشمال حتى نجد الحفار. وبدأت البحث وسافرت علي أني مستشار بالخارجية وكان لابد لي أن أدخل كل الحانات وأتعرف علي كل الناس وأقيم علاقات معهم حتى أني في أحد المرات تعرفت علي مدير الحركة في ميناء فري تاون ودعاني لمكتبه وذهبت ورأيت السفن الموجودة بالميناء ولم أجد بينها الحفار، وفي مرة أخري ذهبت لأحد المواني وقلت أني مندوب لشركة مصايد أعالي البحار وأبحث عن ميناء لتدخل فيه سفننا فكانوا يجعلوني أري الميناء بكل مناطقه.

رجال الخارجية العظام :

حتى وصلت إلي لاجوس وكان سفيرنا فيها هو السفير العظيم (كمال زادة) ويبدوا أنه شعر بأني مكلف بمهمة ذات طبيعة خاصة (وكانت المعلومات هي ألا أعطي السفير أي معلومات عن المهمة إلا إذا وجدنا الحفار وكنا سننفذ بالفعل) وتعامل معي السفير كمال زادة بعطف وتعاون شديد ودعاني إلي الغذاء في منزله وأثناء جلوسنا في تراس كبير يطل علي المحيط قال لزوجته بطريقة لطيفة جداً هل تذكري الصورة التي صورناها لسفينة شكلها غريب جداً فأحضرت السيدة زوجته الصورة ووجدتها للحفار وكان هذا الرجل العظيم يأخذني للميناء لأراها من الداخل وكان يريد أن يساعدني دون أن يشعرني بذلك. وأنا لا أستطيع أن أنكر الدور العظيم الذي لعبته وزارة الخارجية ورجالها في العملية.
اقتباس:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد 
العثور علي الحفار :

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبوزيد

ومن المواقف الطريفة التي أذكرها أثناء البحث اني عندما وصلت إلي إحدى دول غرب إفريقيا أقام المستشار الموجود بالسفارة دعوة علي العشاء للترحيب بي وأثناء العشاء سألني "ما أخبار مشاجرتي مع سيادة السفير؟" وفوجئت بالسؤال فقد كان يتصور أني مسئول أبحاث الخارجية أو أمن الخارجية وكان لابد لي من التصرف بسرعة قبل أن يكشف الحقيقة فقلت له أنا حضرت لأسمع منك فحكي لي الحكاية بالكامل فقله له أنهم في مصر متعاطفين مع وجهة نظرك وسيتم نقلك إلي سفارة دولة أخري قلتها له بالصدفة والعجيب أن هذا المستشار تم نقله بالفعل إلي هذه السفارة !!

وكيف وأين عثرتم علي الحفار ؟

انتقلت بعد ذلك إلي (ابيدجان) بساحل العاج ووجد هناك السفير (إحسان طلعت) ولحسن حظي كان قبل عمله بالخارجية يعمل كضابط بحري وكان هو الضابط الإداري لنا في الكلية البحرية وكان يعرفني جيداً، وحينما دخلت إليه قلت له إني المستشار فلان فرحب بي ولم يظهر أنه يعلم مهمتي الحقيقية وخرجت للبحث عن الحفار وأخيراً وجدته موجوداً بميناء أبيدجان فقلت للسفير علي شخصيتي الحقيقية وأوضحت له طبيعة المهمة فرحب بي وسألني عن أخباري وأخبار الأصدقاء المشتركين بيننا وقلت له أني أبحث عن السيد محمد نسيم فقال لي أن محمد نسيم وصل قبلي ومقيم في أحد الفنادق فاتصلت به فحضر وكان معه خليفة جودت وكانت وجهة نظري أن نقوم بتفجير الحفار في نفس اليوم لأن هذا اليوم بالتحديد كان يزور أبيدجان (آلان شبرد) رائد الفضاء الأمريكي وبالتالي سيكون جزء كبير من أفراد الشرطة مشغولين في التشريفة والاحتفال به.

وكانت هناك 3 مجموعات من أفراد العملية قد وصلوا بالفعل إلي أبيدجان ومعهم الألغام بعد أن استدعاهم محمد نسيم وتبقت مجموعة واحدة في مصر، وجمعتم كلهم في فندق وقررنا العمل قبل أن يرحل الحفار وأقمنا حفلة ماجنة وأحضرنا خمور وسيدات في الحفل للتمويه علي العمل وأبلغت المجموعة أن المهمة ستتم اليوم.

تفجير الحفار :

وبدأنا في تجهيز الألغام وطلبت من خليفة جودت أن أكون أنا نقطة الإلتقاط وهي أكثر نقطة معرضة للخطر في العملية لأنها تقوم بإنزال الضفادع وتنتظرهم وتلتقطهم فرفض خليفة تماماً وأصر أن يكون نقطة الإلتقاط، وكنت قبل التنفيذ قد طلبت من السفير إحسان طلعت أن يخلي المكان لنقوم بدفن الألغام وملابس الضفادع ومعدات الغوص في حديقة السفارة حتى نبدأ العمل، وطلبت منه أن يرشح لي من عنده شخص ذو ثقة وليذهب إلي المطار لانتظار الطائرة القادمة من القاهرة وعليها الفردين الآخرين من أفراد العملية ليبلغهم بضرورة السفر إلي باريس وانتظارنا هناك لأنهم لن يلحقوا بنا قبل تنفيذ العملية لأنهم كانوا سيصلوا في الفجر وكنا قد قررنا التنفيذ في الفجر وقررت الاكتفاء بالأفراد الذين معي وبالألغام الثلاثة التي أحضروها.

وبدأنا التنفيذ بعد تجهيز الألغام وذهبنا إلي الميناء في سيارة ومعنا الألغام في الساعة الخامسة فجر يوم 7 مارس 1970 وكان الضفادع يرتدون ملابس الغوص وفوقها الملابس المدنية وبدءوا في النزول إلي المياه للسباحة حتى مكان الحفار وقاموا بتلغيمه وضبط توقيت الانفجار علي الساعة الثامنة صباحاً وكان محمد نسيم قد قام بالحجز لنا علي الطائرة التي تغادر أبيدجان في الساعة الثامنة والثلث ليضمن سفرنا قبل أن ينتبه أحد إلينا وقبل غلق المطار. وكان المفترض أن أظل أنا وخليفة علي رصيف الميناء في مكانين متباعدين حتى يرجع الرجال وكان خليفة يمسك في يده ببطارية ليوجه ضوء يهتدي علي أثره الرجال إلي طريق العودة. وأنهي الرجال المهمة وعند عودتهم فوجئنا بما جعلنا نتحفز بسرعة للتصرف بأسرع ما يمكن.

فعلي بعد 30 متر فوجئ خليفة بضوء أقوي من الضوء الذي بوجهه هو إلي الماء وكان هذا الضوء يتوجه إلي الماء والضفادع تتجه إليه وكان خليفة أكثر شجاعة ورباطة مني فأخذ في التسلل ببطيء حتى وصل إلي مصدر الضوء فوجد أحد المواطنين يقوم بقضاء حاجته في ذلك المكان وفوجئ الرجل بأشياء تتحرك في الماء فوجه لها ضوء بطاريته ليري ماذا يتحرك. فوضع خليفة بسرعة خنجره في جانب الرجل وقام بخبطه علي كتفه وقام بعمل صفارة الضفادع ليعودوا للشاطئ بسرعة وعادوا بالفعل وأسرعنا إلي السيارة واتجهنا إلي السفارة ومنها للفندق لتغير ملابسهم واتجهنا علي الفور إلي المطار.

تماسيح إلي جوار الضفادع !!

وفي كل خطوة من خطوات العملية كنت علي يقين أن الله معنا وكثير من المواقف كانت تحدث تؤكد أن الله فوق كل شئ وأن هناك معجزات تحدث في زمن به معجزات، فأثناء طريقنا للفندق بعد إنهاء العملية، قال لي الرقيب محمد المصري (يا فاندم وأنا أعوم في الماء كان فيه أشياء تتحرك فيجانبنا وسألني عنها فقلت له تعالي لأريك إيه الأشياء دي وكان بالفندق الذي نقيم فيه نافورة بها تماسيح فأشرت له عليها وقلت له هي دي الحاجات اللي كانت تتحرك جوارك !! وكانت قدرة الله هنا فوق كل شئ، قدرة الله التي جعلت التماسيح تعوم بجوار الضفادع بسلام دون أن تؤذيها أو تعوقها عن أداء مهمتها.

وحينما عدنا للفندق كنا نترنح كالمخمورين ونصدر أصوات عالية وضجيج. وذهبنا للمطار وحضر نسيم لتوديعنا وأشار لنا من بعيد ولوح لنا بثلاثة أصابع من يده ليقول لنا أن الألغام الثلاثة قد انفجرت وكانت فرحتنا في تلك اللحظة لا توصف !

واتجهنا إلي باريس وتقابلنا مع عادل السحراوي ومن معه وعدنا للقاهرة وبعدها أرسلت المخابرات مجموعة منهم خليفة جودت لكي يروا الحفار لأنه لم يغرق غرق كامل ولكي يكملوا العملية إذا كانت تحتاج للإكمال فوجدوا الحفار موجوداً بالحوض الجاف يباع علي أنه خردة.

وبعد فترة كتب محمد حسنين هيكل في الأهرام خبراً يقول فيه أن هناك حفار إسرائيلي تم تفجيره في أبيدجان وأن أصابع الاتهام تشير إلي الضفادع المصرية ولا أحد يستطيع القيام بهذه العمليات طويلة المدى إلا الضفادع البشرية المصرية. ولكن الاتهام كان بلا أي دليل يؤكده وتم تكريمنا بعدها ومنحني الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وسام النجمة العسكرية وهو أعلي وسام مصري في ذلك وحينما تولي الرئيس الراحل أنور السادات الحكم كرمني مرة أخري حينما زارنا وعلم بالعملية ومنحني ترقية إلي رتبة المقدم.

بعد هذه السنوات ماذا تقول حينما تتذكر العملية ؟

لا أقول إلا سبحان الله وأن قدرة الله فوق كل شئ، حقاً عظيمة يا مصر .. عظيمة بكل ما فيك.. وعظيمة بأبنائك الذين يذوبون فيك عشقاً ويبذلون كل قطرة في عروقهم فدائك.

ليست هناك تعليقات: